الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
(375) وسئل فضيلة الشيخ : أعلى الله درجته في المهديين : عن حكم التوسل وأقسامه؟ فأجاب بقوله : التوسل اتخاذ الوسيلة ؛ والوسيلة (كل ما يوصل إلى المقصود) فهي من الوصل؛ لأن الصاد والسين يتناوبان كما يقال : صراط ، وسراط، وبصطة ، وبسطة. والتوسل في دعاء الله - تعالى - أن يقرن الداعي بدعائه ما يكون سبباً في قبول دعائه ، ولابد من دليل على كون هذا الشيء سبباً للقبول؛ ولا يعلم ذلك إلا من طريق الشرع ؛ فمن جعل شيئاً من الأمور وسيلة له في قبول دعائه بدون دليل من الشرع فقد قال على الله ما لا يعلم ؛ إذ كيف يدري أن ما جعله وسيلة مما يرضاه الله - تعالى - ، ويكون سبباً في قبول دعائه؟! والدعاء من العبادة؛ والعبادة موقوفة على مجيء الشرع بها . وقد أنكر الله-تعالى - على من اتبع شرعاً بدون إذنه، وجعله من الشرك فقال تعالى : والتوسل في دعاء الله - تعالى - قسمان: القسم الأول : أن يكون بوسيلة جاءت بها الشريعة وهو أنواع . النوع الأول : التوسل بأسماء الله- تعالى -، وصفاته، وأفعاله، فيتوسل إلى الله - تعالى - بالاسم المقتضي لمطلوبه،أو بالصفة المقتضية له، أو بالفعل المقتضي له: قال الله - تعالى-: النوع الثاني : التوسل إلى الله - تعالى-بالإيمان-به وطاعته كقوله-تعالى-عن أولي الألباب : ] وقوله عن الحواريين: النوع الثالث: أن يتوسل إلى الله بذكر حال الداعي المبينة لاضطراره، وحاجته، كقول موسى -عليه الصلاة والسلام -: النوع الرابع : أن يتوسل إلى الله بدعاء من ترجى إجابته كطلب الصحابة - رضي الله عنهم- من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو الله لهم مثل قول الرجل الذي دخل يوم الجمعة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فقال: ادع الله أن يغيثنا ؛ وقول عكاشة بن محصن للنبي -صلى الله عليه وسلم - : ادع الله أن يجعلني منهم. وهذا إنما يكون في حياة الداعي ، أما بعد موته فلا يجوز؛ لأنه لا عمل له: فقد انتقل إلى دار الجزاء ؛ ولذلك لما أجدب الناس في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لم يطلبوا من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يستسقي لهم؛ بل استسقى عمر بالعباس عم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: قم فاستسق؛ فقام العباس فدعا ، وأما ما يروى عن العتبي القسم الثاني : أن يكون التوسل بوسيلة لم يأت بها الشرع وهي نوعان : أحدهما : أن يكون بوسيلة أبطلها الشرع، كتوسل المشركين بآلهتهم؛ وبطلان هذا ظاهر. الثاني : أن يكون بوسيلة سكت عنها الشرع: وهذا محرم؛ وهو نوع من الشرك، مثل أن يتوسل بجاه شخص ذي جاه عند الله، فيقول : "أسألك بجاه نبيك" : فلا يجوز ذلك؛ لأنه إثبات لسبب لم يعتبره الشرع ، ولأن جاه ذي الجاه ليس له أثر في قبول الدعاء ؛ لأنه لا يتعلق بالداعي، ولا بالمدعو؛ وإنما هو من شأن ذي الجاه وحده ، فليس بنافع لك في حصول مطلوبك؛ أو دفع مكروبك، ووسيلة الشيء ما كان موصلاً إليه ؛ والتوسل بالشيء إلى ما لا يوصل إليه نوع من العبث ، فلا يليق أن تتخذه فيما بينك وبين ربك - والله الموفق. (376) وسئل فضيلة الشيخ : عن حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟ فأجاب قائلاً : التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أقسام : الأول : أن يتوسل بالإيمان به فهذا التوسل صحيح، مثل أن يقول : "اللهم إني آمنت بك وبرسولك فاغفر لي"؛ وهذا لا بأس به ؛ وقد ذكره الله-تعالى- في القرآن الكريم في قوله : الثاني : أن يتوسل بدعائه - صلى الله عليه وسلم - أي بأن يدعو للمشفوع له؛ وهذا أيضاً جائز وثابت لكنه لا يمكن أن يكون إلا في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ وقد ثبت عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا" وأمر العباس أن يقوم فيدعو الله- سبحانه وتعالى - بالسقيا؛ فالتوسل في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -بدعائه جائز، ولا بأس به. الثالث : أن يتوسل بجاه الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، سواء في حياته، أو بعد مماته: فهذا توسل بدعي لا يجوز؛ وذلك لأن جاه الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا ينتفع به إلا الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ وعلى هذا فلا يجوز للإنسان أن يقول: اللهم إني أسألك بجاه نبيك أن تغفر لي أو ترزقني الشيء الفلاني ؛ لأن الوسيلة لا بد أن تكون وسيلة ؛ والوسيلة مأخوذة من الوسل بمعنى الوصول إلى الشيء؛ فلا بد أن تكون هذه الوسيلة موصلة إلى الشيء وإذا لم تكن موصلة إليه فإن التوسل بها غير مجد، ولا نافع ؛ وعلى هذا فنقول : التوسل بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أقسام: القسم الأول : أن يتوسل بالإيمان به، واتباعه؛ وهذا جائز في حياته، وبعد مماته. القسم الثاني : أن يتوسل بدعائه أي بأن يطلب من الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو له فهذا جائز في حياته لا بعد مماته؛ لأنه بعد مماته متعذر. القسم الثالث: أن يتوسل بجاهه، ومنزلته عند الله؛ فهذا لا يجوز لا في حياته، ولا بعد مماته؛ لأنه ليس وسيلة؛ إذ إنه لا يوصل الإنسان إلى مقصوده؛ لأنه ليس من عمله. فإذا قال قائل : جئت إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند قبره، وسألته أن يستغفر لي، أو أن يشفع لي عند الله فهل يجوز ذلك أولا ؟ قلنا : لا يجوز . فإذا قال: أليس الله يقول: قلنا له: بلى إن الله يقول : ذلك ، ولكن يقول : (377) وسئل -جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء-: عن التوسل هل هو من مسائل العقيدة؟ وعن حكم التوسل بالصالحين ؟ . فأجاب - حفظه الله تعالى - بقوله : التوسل داخل في العقيدة ، لأن المتوسل يعتقد أن لهذه الوسيلة تأثيراً في حصول مطلوبه، ودفع مكروهه؛ فهو في الحقيقة من مسائل العقيدة ؛ لأن الإنسان لا يتوسل بشيء إلا وهو يعتقد أن له تأثيراً فيما يريد . والتوسل بالصالحين ينقسم إلى قسمين: القسم الأول : التوسل بدعائهم: فهذا لا بأس به؛ فقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - يتوسلون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدعائه : يدعو الله لهم فينتفعون بذلك ؛ واستسقى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بعم النبي - صلى الله عليه وسلم - "العباس بن عبد المطلب" بدعائه . وأما القسم الثاني : فهو التوسل بذواتهم: فهذا ليس بشرعي ؛ بل هو من البدع من وجه ، ونوع من الشرك من وجه آخر. فهو من البدع؛ لأنه لم يكن معروفاً في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه. وهو من الشرك لأن كل في أمر من الأمور أنه سبب ولم يكن سبباً شرعياً فإنه قد أتى نوعاً من أنواع الشرك ؛ من اعتقد وعلى هذا لا يجوز التوسل بذات النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل أن يقول : : أسألك بنبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - إلا على تقدير أنه يتوسل إلى الله- تعالى- بالإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم- ، ومحبته فإن ذلك من دين الله الذي ينتفع به العبد ؛ وأما ذات النبي - صلى الله عليه وسلم - فليست وسيلة ينتفع بها العبد ؛ وكذلك على القول الراجح لا يجوز التوسل بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن جاه النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما ينتفع به النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه؛ ولا ينتفع به غيره ؛ وإذا كان الإنسان يتوسل بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم - باعتقاد أن للنبي - صلى الله عليه وسلم-جاهاً عند الله فليقل: اللهم إني أسألك أن تشفع بي نبيك محمداً - صلى الله عليه وسلم- ، وما أشبه ذلك من الكلمات التي يدعو بها الله- عز وجل-. (378) وسئل أيضاً :هل يجوز التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فأجاب قائلا : التوسل بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس بجائز على الراجح من قول أهل العلم؛ فيحرم التوسل بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فلا يقول : الإنسان: اللهم إني أسألك بجاه نبيك كذا، وكذا؛ وذلك لأن الوسيلة لا تكون وسيلة إلا إذا كان لها أثر في حصول المقصود ؛ وجاه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنسبة للداعي ليس له أثر في حصول المقصود؛ وإذا لم يكن له أثر لم يكن سبباً صحيحاً؛ والله - عز وجل - لا يدعى إلا بما يكون سبباً صحيحاً له أثر في حصول المطلوب؛ فجاه النبي - صلى الله عليه وسلم - هو مما يختص به النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده؛ وهو مما يكون منقبة له وحده؛ أما نحن فلسنا ننتفع بذلك؛ وإنما ننتفع بالإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ومحبته ؛ وما أيسر الأمر على الداعي إذا قال : "اللهم إني أسألك بإيماني بك، وبرسولك كذا، وكذا" بدلاًمن أن يقول: أسألك بجاه نبيك . ومن نعمة الله - عز وجل - ورحمته بنا أنه لا ينسد باب من الأبواب المحظورة إلا وأمام الإنسان أبواب كثيرة من الأبواب المباحة . والحمد لله رب العالمين. (379) سئل فضيلة الشيخ : عن هذا الحديث : فأجاب قائلاً : هذا الحديث اختلف أهل العلم في صحته فمنهم من قال : إنه ضعيف ، ومنهم من قال: إنه حسن ، ولكن له وجهة ليست كما يتبادر من اللفظ، فإن هذا الحديث معناه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر هذا الرجل الأعمى أن يتوضأ، ويصلي ركعتين ليكون صادقاً في طلب شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - له ، وليكون وضوؤه، وصلاته عنواناً على رغبته في التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم- والتوجه به إلى الله -سبحانه وتعالى- ؛ فإذا صدقت النية، وصحت، وقويت العزيمة فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - يشفع له إلى الله - عز وجل - ؛ وذلك بأن يدعو النبي - صلى الله عليه وسلم - له. فإن الدعاء نوع من الشفاعة كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : بموته صلوات الله وسلامه عليه ؛ وإذا كان لا يمكن لأحد أن يطلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو له بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم- فإنه لا يمكن - ومن باب أولى - أن يدعو أحد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، نفسه بشيء من حاجاته أو مصالحه؛ فإن هذا من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله؛ والذي حرم الله على من اتصف به الجنة: قال الله - تعالى-: (380) وسئل أيضاً : عن حديث : أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن عمر - رضي الله عنه - كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب وقال : (اللهم إنا كنا نستسقي إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، فيسقون ) هل هو صحيح؟ وهل يدل على جواز التوسل بجاه الأولياء؟ فأجاب قائلاً : هذا الحديث الذي أشار إليه السائل حديث صحيح رواه البخاري ، لكن من تأمله وجد أنه دليل على عدم التوسل بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو غيره؛ وذلك أن التوسل هو اتخاذ وسيلة؛ والوسيلة هي الشيء الموصل إلى المقصود؛ والوسيلة المذكورة في هذا الحديث والحاصل أن التوسل إلى الله - تعالى - بدعاء من ترجى فيه إجابة الدعاء لصلاحه لا بأس به؛ فقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - يتوسلون إلى الله - تعالى - بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم ؛ وكذلك عمر - رضي الله عنه - توسل بدعاء العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - ، فلا بأس إذا رأيت رجلاً صالحاً حرياً بالإجابة لكون طعامه وشرابه وملبسه ومسكنه حلالاً وكونه معروفاً بالعبادة والتقوى ، لا بأس أن تسأله أن يدعو الله لك بما تحب ، بشرط أن لا يحصل في ذلك غرور لهذا الشخص الذي طلب منه الدعاء ، فإن حصل منه غرور بذلك فإنه لا يحل لك أن تقتله وتهلكه بهذا الطلب منه؛ لأن ذلك يضره. كما أنني أيضاً أقول : إن هذا جائز؛ ولكنني لا أحبذه ، وأرى أن الإنسان يسأل الله -تعالى - بنفسه دون أن يجعل له واسطة بينه وبين الله، وأن ذلك أقوى في الرجاء، وأقرب إلى الخشية، كما أنني أيضاً أرغب من الإنسان إذا طلب من أخيه الذي ترجى إجابة دعائه أن يدعو له ، أن ينوي بذلك الإحسان إليه - أي إلى هذا الداعي - دون دفع حاجة هذا المدعو له؛ لأنه إذا طلبه من أجل دفع حاجته صار كسؤال المال وشبه المذموم ، أما إذا قصد بذلك نفع أخيه الداعي بالإحسان إليه - والإحسان إلى المسلم يثاب عليه المرء كما هو معروف - كان هذا أولى وأحسن . والله ولي التوفيق . (381) سئل فضيلة الشيخ : عن حكم هذا الدعاء : "اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك" هل للسائلين حق على الله؟ . فأجاب قائلاً : يجب علينا أولاً أن نعلم أن التوسل إلى الله - تعالى - قسمان : قسم جائز : وهو ما جاء به الشرع . قسم ممنوع : وهو ما منعه الشرع. والجائز أنواع : ونعني بالجائز هنا ما ليس بممنوع فلا يمنع أن يكون مستحباً . أولاً : التوسل إلى الله بأسمائه؛ وهذا جائز؛ ودليله قوله - تعالى- : ثانياً : التوسل إلى الله بصفاته ومنه ما جاء في الحديث : ثالثاً : التوسل إلى الله - تعالى - بأفعاله: أن تدعو الله بشيء ثم تتوسل إليه في تحقيق هذا الشيء بفعل نظيره؛ ومنه حديث الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - : وكذلك أيضاً تقول : (اللهم كما أنزلت علينا المطر فاجعله غيثاً نافعاً ) فهنا توسل إلى الله بإنزال المطر؛ وهو فعل من أفعال الله.
رابعاً : التوسل إلى الله بالإيمان؛ ومنه قوله تعالى: خامساً : التوسل إلى الله بالعمل الصالح : ومنه حديث الثلاثة الذين خرجوا في سفر فآواهم الليل إلى غار، فدخلوه ثم انحدرت عليهم صخرة من الجبل فسدت الباب، فتوسل كل واحد منهم بصالح عمله، فانفرجت الصخرة. سادساً : التوسل إلى الله بدعاء من ترجى إجابته : يعني أن تطلب من شخص ترجى إجابته أن يدعو الله لك؛ وهذا كثير؛ ومنه ما ثبت في الصحيحين عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب الناس يوم الجمعة، فدخل رجل فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل "يعني من قلة المطر والنبات" فادع الله أن يغيثنا فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - يديه، وقال: وقولنا : التوسل إلى الله بدعاء من ترجى إجابته هذا من النوع الجائز ولكنه هل هو من الأمر المشروع يعني هل يشرع لك أن تقول لشخص ما : ادع الله لي؟ . نقول : في هذا تفصيل: إن كان لأمر عام يعني طلبت من هذا الرجل أن يشفع لك في أمر عام لك ولغيرك فلا بأس به ومنه الحديث الذي أشرت إليه في قصة الرجل الذي جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (هلكت الأموال وانقطعت السبل) فإن هذا الرجل لم يسأل شيئاً لنفسه؛ وإنما سأل شيئاً لعموم المسلمين . أما إذا كان لغير عامة المسلمين فالأولى ألا تسأل أحداً يدعو لك إلا إذا كنت تقصد من وراء ذلك أن ينتفع الداعي: فتأتي لشخص وتقول : ادع الله لي؛ هذا لا بأس به بشرط ألا تقصد به إذلال نفسك بالسؤال؛ ولكن قصدك نفع الداعي؛ لأنه إذا دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك: "آمين ولك بمثله"؛ فهذه أنواع ستة كلها جائزة . أما التوسل الممنوع فهو : أن يتوسل الإنسان بالمخلوق؛ فإن هذا لا يجوز؛ فالتوسل بالمخلوق حرام - يعني لا بدعائه ولكن بذاته، مثل أن تقول : "اللهم إني أسألك بمحمد - صلى الله عليه وسلم - كذا وكذا" فإن هذا لا يجوز. وكذلك لو سألت بجاه الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإنه لا يجوز؛ لأن هذا السبب لم يجعله الله، ولا رسوله سبباً . وأما ما جاء في السؤال "أسألك بحق السائلين عليك" فالسائل يسأل هل للسائلين حق؟ الجواب:نعم للسائلين حق أوجبه الله على نفسه في قوله:
تم بحمد الله . تعالى . المجلد الثاني ويليه بمشيئة الله . عز وجل . المجلد الثالث
|